Home » , » لماذا اللغة العربية لا تحظى باهتمام مثل اللغة الانجليزية

لماذا اللغة العربية لا تحظى باهتمام مثل اللغة الانجليزية

Posted by Droid Spacepedia on السبت، 16 يوليو 2016

 انكب الناس في السنوات الأخيرة على تعلم اللغة الإنجليزية إلى حد يظن معه المتابع أنها السبيل الوحيد للنجاح والبقاء، ولولاها لن يجد المرء
وظيفة ولن يستطيع السفر والاستمتاع في أرض الله.ووصل الحال إلى إنفاق باذخ للأموال والأوقات في سبيل تعلمها حتى أصبح الطامح لاكتسابها ضحية لجشع التجار من أبناء جنسه وغيرهم، بل وصارت برامج تدريب معلمي اللغة الإنجليزية مزدهرة في الغرب لإرسال المعلمين إلى بلادنا وغيرها من الدول النامية.وتوازيًا مع هذا المشهد نشاهد ضعفًا في اللغة العربية لدى الشباب العرب وانكماشًا لدورها في حياتهم..لذا نتساءل:
لماذا لا تحظى اللغة العربية لدى العرب بما يمنحونه للغة الإنجليزية؟
سأحاول الإجابة في هذه المقالة القصيرة عن هذا السؤال الذي يُخفي همًا عظيمًا كعِظَم المأساة نفسها.
الوعود الصادقة
إن طبيعة البشر تقودهم إلى من يعطيهم الوعود الصادقة، و اللغة الإنجليزية صارت مغرية لشبابنا بما تقدمه لهم من وعود بالوظيفة الأميز والراتب الأعلى، والعلاقات الأرقى فتراهم يقترضون المال من أجل التحاق بدورات إنجليزية تأخذ من وقتهم ساعات يومية، بل ربما طلب أحدهم إجازة بلا راتب من أجل السفر وتعلم الإنجليزية في الخارج ثم العودة للمنافسة بها على الوظائف. إن سوق العمل للأسف يقول للشباب الذين أبدعوا في تخصصات مختلفة: أنتم مرحبٌ بكم بشهادة إنجليزية ولو كانت المؤهل الوحيد! هنا يأتي دور السياسة الحكومية في ضبط هذا العبث الذي يهمش اللغة القومية.
الاكتساب لا التعلم
كثير من أبناء هذا الجيل اتخذ موقفًا سلبيًا من اللغة العربية لأنها عُرضت عليه أول مرة هيكلا بلا مشاعر، بينما لقي الإنجليزية فتاة راقصة! أعني بهذا أن الشاب العربي يترعرع في بيت أهله و جُل ما حوله لغة عامية ثم يعرف العربية الفصحى من كتاب النحو حين يدخل المدرسة وكله قواعد جافة، وعادة القواعد التعامل مع العُقَد ودقائق البناء وتفاصيله في أي لغة.بينما يكتسب الإنجليزية في سياقات واقعية من الحياة اليومية،بأساليب منوعة لا يشعر معها بالتعقيد خارج المدرسة وداخلها رغم أن الإنجليزية من أكثر اللغات شذوذًا في القواعد،ولا تقارن منطقيتها باللغة العربية،و لكن شتان بين الاكتساب الاختياري والتعلم القسري.
ارتباطها بالترفيه
مع موجة العولمة الترفيهية وجدت اللغة الإنجليزية منفذا إلى الشعوب المختلفة، فهوليود تبعث منتجاتها إلى مختلف الأقطار باللغة الإنجليزية، فارتبط الترفيه بهذه اللغة بينما يقابل ذلك توجه للعاميات في وسائل الترفيه المرئي والمسموع في العالم العربي ناهيك عن الانحدار في الجودة. إضافة إلى غياب الجهود المؤسسية في دبلجة الأفلام باللغة العربية كما يحدث مثلا في ألمانيا حيث لا يُعرض فلم أمريكي في دور السينما أو التلفاز إلا بعد دبلجته بلغة وأصوات ألمانية! قد يقول قائل: ولكن لن يتقبل الناس اللغة الفصحى في المسلسلات. هذا القول مردود عليه بأن أشهر المسلسلات وأبقاها في الذاكرة قد دُبلجت بالفصحى، عدنان ولينا مثلا وقناة جيم التابعة للجزيرة قد تبنت الفصحى لغة لها والقائمة تطول! هذه ليست دعوة لإشاعة المنكر بالأفلام المحرمة ولكنه مثال على أنه يمكن تحسين السيئ وإنتاج الجيّد من وسائل الترفيه باللغة العربية الفصيحة.
غزارة المحتوى المعرفي
أحد الدوافع القوية لتعلم اللغة الإنجليزية هو الوصول إلى المعلومة الجديدة، فكثير من الناس الآن يفضل البحث في قوقل باللغة الإنجليزية لقلة المحتوى العربي وعشوائيته على الشابكة. هنا يأتي دور الجهات المعنية بالترجمة وكذلك أصحاب المواقع التي تقدم المحتوى المعرفي. ينبغي أن تكون هنالك سياسة ورؤية لمشاريع ترجمة ضخمة متنوعة تركز على الجودة وإن زادت تكاليفها لأن البقاء للأجود.كذلك علينا استغلال جهودنا المعرفية بالنشر في مجلات عربية متخصصة، فرسائل الطلاب المبتعثين وبحوثهم مثال على جهودنا المعرفية الضائعة التي تُكتب بلغات غير العربية ثم لا تترجم! كما أن تنويع وسائل عرض المحتوى المعرفي مهمة جدا خاصة في الوسائل العصرية كاليوتيوب والمُذاعات (Podcasts)، ولدينا مثال جيد حيث نجحت مؤسسة الإعلام الجديد في إنتاج أكثر من مُذاع في مواضيع منوعة وغيرها عدد من المبادرات مثل مدرسة إكس رغم أنها اعتمدت اللغة العامية السعودية في تقديم محتواها فلا تخدم اللغة الفصيحة التي يستفيد منها العالم العربي بأكمله، ولكن الأمر قابل للتحسين!
ارتباط اللغة بالمال
وجد كثير من الناس -مؤهلين وغير مؤهلين- فرصًا في التكسب من اللغة الإنجليزية فتجد مئات المعاهد والبرامج والمواقع الإلكترونية وقنوات اليوتيوب ودور النشر المخصصة لتعليم اللغة الإنجليزية، والإقبال عليها غفير ومتزايد وكثير من القائمين عليها عربٌ وجدوا فرصة للثراء مع اللغة الإنجليزية. لو بحثت عن مثل هذه الجهود لتعليم اللغة العربية لما وجدت عُشر معشار ما تراه في سبيل تعليم الإنجليزية. نرجع الآن إلى جميع ما سبق وأهمه السبب الأول أن مؤسساتنا تشترط اللغة الإنجليزية على موظفيها غالبًا دون حاجة!
هذا جزء من الصورة أحسبُه كافيًا للإشارة إلى بعض مواطن الخلل الذي يمكن إصلاحه من عدة جوانب ويحتاج لجهود مختلفة تجمعها سياسة لغوية وتدفعها إرادة قومية وقودها الاعتزاز بالهوية والطموح في الاستقلال باللغة الوطنية لتصبح الإنجليزية في مكانها الصحيح كلغة أجنبية نستفيد منها لا وطنية تستفيد منا!


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Popular Posts

أرشيف المدونة الإلكترونية

.comment-content a {display: none;}